كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية النقاب عن مخطط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وراء محاولة الانقلاب الفاشلة في التي وقعت في الأردن هذ الشهر عبر إحداث اضطرابات شعبية.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن المواجهة بين الملك عبد الله وأخيه غير الشقيق الأمير حمزة “لم تكن مجرد دسيسة في القصر”، وأن هناك تلميحات عن تدخل سعودي. كما أوضحت أن المحققين الأردنيين يعتقدون أن الأمير حمزة والسيد باسم عوض الله كانا يأملان بإثارة الاضطرابات في الشارع، بحسب ثلاثة مصادر أطلعوا على ملخص للتحقيقات.
ومن بينهم بروس ريديل الضابط السابق في وكالة المخابرات الأمريكية والذي هو على اتصال مع وكالات مخابرات في الشرق الأوسط. وبحسب الأشخاص الثلاثة الذين اطلعوا على ملخص التحقيقات من قبل المخابرات الأردنية، فإن الأمير حمزة والسيد عوض الله رئيس الديوان الملكي الأردني السابق والذي يعمل حاليا مستشارا لولي العهد السعودي، تآمرا مع قبائل ساخطة لإثارة جو من الفوضى.
وقال الأشخاص الثلاثة إن عوض الله قدم المشورة للأمير حمزة حول كيفية وتوقيت نشر تغريداته. وقدم عوض الله تقريرا لشخصيات معارضة في الخارج، وكذلك إلى أشخاص في السعودية، بحسب أحد المصادر الثلاثة. وأصدرت السعودية مؤخرا بيانا قويا لدعم الملك عبد الله، ولكن بحسب المصادر الثلاثة الذين اطلعوا على تقرير عن الموضوع فإن الوفد السعودي الذي حضر إلى عمان الأسبوع الماضي طلب الإفراج عن عوض الله.
ونقلت الصحيفة عن النائب السابق خالد رمضان، قوله إن أزمة الأمير حمزة تسببت في اهتزاز شعار “الأمن والأمان”، وأظهر هشاشة واضحة. وتابع أن الأمير حمزة لم يختلق أحاديث غير صحيحة مع شيوخ العشائر عن أوضاع الأردن، وما فعله هو “استغلال لهذه الظروف”. وذهب الخبير السياسي عامر السبايلة إلى التحليل القائل إن الأزمة أبرزت الأمير حمزة بشكل كبير ولم تقصِه.
وأضاف: “لا يمكننا القول إن حمزة خرج من المشهد السياسي، الآن هو حقيقة يجب التعامل معها”. وبعد سرد لتسلسل أحداث ما جرى منذ بداية الأزمة، أكدت “نيويورك تايمز” أن الموقف الغربي من الأردن لا يزال متمسكا بضرورة بقاء البلد الواقع بين سوريا والعراق وفلسطين المحتلة مستقرا. لا سيما أنه شريك رئيسي للولايات المتحدة التي أكدت على هذا الموقف من خلال اتصالين للرئيس جو بايدن، ووزير خارجيته أنطوني بلينكن بالملك عبد الله الثاني.
إضعاف العشائر
وأوضحت صحيفة “نيويورك تايمز” أن ما حدث مع الأمير حمزة لا يعكس فقط أزمة داخلية في الأسرة الهاشمية الحاكمة بل يصوّر إضعافا حقيقيا لدور العشائر التي كان لها دور رئيسي في تأسيس المملكة التي تحتفل هذا العام بمئويتها الأولى. فبعد اعتقال مقربين من الأمير من كبرى عشائر الأردن، عدد منهم من عشيرة المجالي في الكرك (جنوب)، وآخر من أبو حماد (سحاب قرب عمّان)
وآخر من عشيرة الفايز (بني صخر)، أوضحت “نيويورك تايمز” أن قوة العشائر في الأردن لم تعد كما السابق. وأعادت الصحيفة بعض أسباب تلاشي نفوذ العشائر إلى تسعينات القرن الماضي، مع بدء توجه الأردن نحو الخصخصة، وبيع أصول الدولة وغيرها من القرارات الاقتصادية التي أثرت على السياسات الداخلية كثيرا.
وكانت المملكة الأردنية الهاشمية عند تأسيسها منحت العشائر أراضيَ، ونفوذا داخل أجهزة الدولة. ونقلت “نيويورك تايمز” عن هشام المجالي، أحد شيوخ العشيرة التي تعرض عدد من أفرادها للاعتقال خلال الأيام الماضية: “متخذو القرارات يبدو أنهم لا يفهمون تقاليدنا”.
“حامل لواء المهمشين”
وقالت “نيويورك تايمز” إن الأمير حمزة لعب دور الدفاع عن المهمشين والمتضررين من الفساد في الأردن خلال السنوات الماضية. وتابعت أن هذا الدور الذي لعبه الأمير حمزة تسبب في توتر العلاقة بينه وبين الملك عبد الله الثاني، وأشارت إلى أن الأمير حمزة طلب أيضا في السابق من أخيه أن ينصبه قائدا للقوات المسلحة (الجيش)، إلا أن طلبه قوبل بالرفض.
وتابعت أنه بعد سنوات من عزله من منصب ولي العهد في 2004، بدأ الأمير حمزة تدريجيا بالتخلي عن حذره في نقد سياسات الدولة الأردنية، ودعا علنا إلى محاسبة الفاسدين. وعلقت الصحيفة: “بغض النظر عمّا إذا كان الأمير حمزة صادقا، فإن الإحباط بالجو العام الذي تحدث عنه كان حقيقيا”.
وقالت نقلا عن مسؤولين أردنيين إن قرار عزل الأمير حمزة “حطّمه”، إذ أن فصاحة لسانه ودراسته الأكاديمية كانت تسير به نحو اعتلاء العرش قبل أن تتبدد هذه الآمال بتعيين ابن أخيه الأمير حسين بن عبد الله وليا للعهد.
Comments
Post a Comment